0والكميت- عروة بن أذينة «1»
1005* هو من بنى ليث. وكان شريفا ثبتا يحمل عنه الحديث، ووفد على هشام بن عبد الملك فقال له: ألست القائل:
لقد علمت فما الإسراف فى طمعى ... أنّ الّذى هو رزقى سوف يأتينى «2»
أسعى له فيعنّينى تطلّبه ... ولو قعدت أتانى لا يعنّينى؟
قال: نعم «3» ، قال: فما أقدمك علينا؟! قال: سأنظر فى أمرى! وخرج من فوره ذلك فانصرف، فأخبر بذلك هشام «4» ، فأتبعه جائزته.
1006* وهو القائل:
قالت وأبثثتها وجدى فبحت به: ... قد كنت عندى تحبّ السّتر فاستتر
ألست تبصر من حولى؟ فقلت لها: ... غطّى هواك وما ألقى على بصرى
1007* ووقفت عليه امرأة فقالت: أنت الذى يقال فيك الرجل الصالح، وأنت تقول «5» :
إذا وجدت أوار الحبّ فى كبدى [size=25]... عمدت نحو سقاء القوم أبترد
هذا بردت ببرد الماء ظاهره ... فمن لنار على الأحشاء تتّقد؟
لا والله، ما قال هذا رجل صالح قطّ!! 1008* وحدثنى سهل بن محمّد عن الأصمعىّ قال: كان عروة بن أذينة ثقة ثبتا، يروى عنه مالك بن أنس الفقيه «1» .
1009* قال قلّوص: وعروة هو القائل:
يا ديار الحىّ بالأجمه ... لم تبيّن دارها كلمه
الشعر له وهو وضع لحنه.
05- الكميت «1»
1010* هو الكميت بن زيد، من بنى أسد، ويكنى أبا المستهلّ، وكان معلّما.
وحدثنا سهل عن الأصمعىّ عن خلف الأحمر قال: رأيت الكميت بالكوفة فى مسجد «2» يعلّم الصبيان.
1011* وكان أصمّ أصلخ لا يسمع شيئا «3» .
وكان بينه وبين الطّرمّاح من المودّة والمخالطة ما لم يكن بين اثنين، على تباعد ما بينهما فى الدّين والرأى، لأن الكميت كان رافضيّا، وكان الطرمّاح خارجيّا صفريّا، وكان الكميت عدنانيّا عصبيّا، وكان الطرمّاح قحطانيا عصبيا، وكان الكميت متعصبا لأهل الكوفة، وكان الطرمّاح يتعصّب لأهل الشأم.
1012* وكان الكميت شديد التكلّف فى الشعر، كثير السرقة، قال امرؤ القيس بن عابس الكندىّ «4» ، وكانت له صحبة «5» .
قف بالدّيار وقوف حابس [size=25]... وتأىّ إنّك غير آيس «6»
ماذا عليك من الوقو ... ف بهامد الطّللين دارس
لعبت بهنّ العاصفا ... ت الرائحات من الرّوامس
أخذه الكميت كلّه غير القافية فقال:
قف بالدّيار وقوف زائر [size=25]... وتأىّ إنّك غير صاغر «1»
ماذا عليك من الوقو ... ف بهامد الطّللين داثر
درجت عليه الغاديا ... ت الرائحات من الأعاصر
[وكذلك سائر الأبيات بعد هذا، إلا القليل، أخذه غير القافية] «2» .
وقد قدّمت فى أخبار الشعراء ما أخذه من أشعارهم.
1013* ووقف الكميت على الفرزدق وهو ينشد، والكميت يومئذ صبىّ، فقال له الفرزدق: يا غلام! أيسرّك أنى أبوك! فقال الكميت. أمّا أبى فلا أريد به بدلا، ولكن يسرّنى أن تكون أمّى! فحصر الفرزدق يومئذ، وقال:
ما مرّ بى مثلها (قطّ) .
1014* ويستجاد قوله فى ذكر النبىّ صلى الله عليه وسلم:
يقولون لم يورث ولولا تراثه ... لقد شركت فيه بكيل وأرحب «3»
ولانتشلت عضوين منها يحابر ... وكان لعبد القيس عضو مؤرّب «4»
فإن هى لم تصلح لحىّ سواهم ... إذن فذوو القربى أحقّ وأقرب
فيالك أمرا قد أشتّت وجوهه ... ودارا ترى أسبابها تتقضّب
تبدّلت الأشرار بعد خيارها ... وجدّ بها من أمّة وهى تلعب
وقد قايس فى هذا الشعر وذهب مذهبا لو لم يكن النبىّ صلى الله عليه وسلم جعل الأيمّة من قريش «1» .
1015* وقال يصف هشام بن عبد الملك:
مصيب على الأعواد يوم ركوبه [size=25]... لما قال فيها مخطىء حين ينزل
1016* ومن جيّد شعره قوله «2» :
ألا لا أرى الأيّام يقضى عجيبها ... لطول، ولا الأحداث تفنى خطوبها
ولا عبر الأيّام يعرف بعضها ... ببعض من الأقوام إلّا لبيبها
ولم أر قول المرء إلّا كنبله ... له وبه محرومها ومصيبها
وما غيّب الأقوام عن مثل خطّة ... تغيّب عنها يوم قيلت أريبها
وأجهل جهل القوم ما فى عدوّهم ... وأردأ أحلام الرّجال غريبها
وما غبن الأقوام مثل عقولهم ... ولا مثلها كسبا أفاد كسوبها
وهل يعدون بين الحبيب فراقه؟ ... نعم، داء نفس أن يبين حبيبها
ولكنّ صبرا عن أخ عنك صابر ... عزاء إذا ما النّفس حنّ طروبها
رأيت عذاب الماء إن حيل دونها ... كفاك لما لا بدّ منه شروبها
وإن لم يكن إلا الأسنّة مركب ... فلا رأى للمضطرّ إلا ركوبها
7* وابنه المستهلّ هو القائل لبنى العبّاس «1» :
إذا نحن خفنا فى زمان عدوّكم [size=25]... وخفناكم إنّ البلاء لراكد