- الأقيشر «1»
976* هو المغيرة بن الأسود بن وهب «2» ، أحد بنى أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. وكان يغضب إذا قيل له الأقيشر، فمرّ ذات يوم بقوم من بنى عبس، فقال له بعضهم: يا أقيشر، فنظر إليه ساعة وهو مغضب، ثم قال «3» :
أتدعونى الأقيشر ذلك اسمى ... وأدعوك ابن مطفئة السّراج
تناجى خدنها باللّيل سرّا ... وربّ الناس يعلم ما تناجى
فسمّى الرجل «ابن مطفئة السّراج» ، وولده ينسبون إلى ذلك (إلى اليوم) .
* ومرّ بمطر بن ناجية اليربوعىّ حين غلب على الكوفة أيّام الضحّاك ابن قيس الشارىّ، ومطر على المنبر يخطب (الناس) فقال «1» :
أبنى تميم ما لمنبر ملككم ... لا يستقرّ قعوده يتمرمر «2»
إنّ المنابر أنكرت أستاهكم ... فادعوا خزيمة يستقرّ المنبر
خلعوا أمير المؤمنين وبايعوا ... مطرا، لعمرك بيعة لا تظهر
واستخلفوا مطرا فكان كقائل: ... بدل لعمرك من يزيد أعور «3»
فبلغ ذلك، جرير بن الخطفى، فأتى بنى أسد فقال: أما والله لولا الرّحم ما اجترأ خليعكم علىّ، فاستكفّوه، فأخذوا الأقيشر فضربوه، فانصرف عنهم جرير، ودسّ إلى الأقيشر رجلا، فقال له: إنى جئت لأهجو قومك وتهجو قومى، قال: وممنّ أنت؟ قال: من [بنى] «4» تميم، فقال الأقيشر:
لا أسدا أسبّ ولا تميما ... وكيف يحلّ سبّ الأكرمينا
ولكنّ التّقارض حلّ بينى ... وبينك يابن مضرطة العجينا
فسمّى ذلك الرجل «ابن مضرطة العجين» ! 978* وكان الأقيشر صاحب شراب، فأخذه الأعوان بالكوفة، وقالوا:
شارب خمر؟ فقال: لست شارب خمر، ولكنى أكلت سفرجلا! وأنشأ يقول:
يقولون لى: إنكه شربت مدامة ... فقلت لهم: لا، بل أكلت سفرجلا «1»
979* وهو القائل «2» :
أفنى تلادى وما جمّعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق «3»
كأنّهنّ، وأيدى القوم معملة ... إذا تلألأن فى أيدى الغرانيق «4»
بنات ماء معا بيض جناجنها ... حمر مناقيرها صفر الحماليق «5»
هى اللّذاذة ما لم تأت منقصة ... أو ترم فيها بسهم ساقط الفوق «1»
980* وهو القائل:
وصهباء جرجانيّة لم يطف بها ... حنيف ولم تنغر بها ساعة قدر «2»
أتانى بها يحيى، وقد نمت نومة ... وقد غارت الشّعرى وقد خفق النّسر
فقلت: اغتبقها أو لغيرى فأهدها ... فما أنا بعد الشّيب ويبك والخمر «3»
إذا المرء وفّى الأربعين ولم يكن ... له دون ما يأتى حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذى أتى ... وإن جرّ أرسان الحياة له الدّهر
وكان له جار صالح يقال له يحيى، فقال له: يا فاسق وأنا جئتك بها! فقال:
يرحمك الله ما أكثر يحيى فى الناس!!